الاستثمار في رأس المال البشري
م .كوثر هرملاني
عضو المكتب التنفذي في اتحاد نقابات المدريين العرب / دولة سوريا
شهد العالم خلال السنوات الأخيرة تطورات جوهرية طالت مختلف جوانب الحياة، وأثرت في مختلف أنواع المؤسسات، مما ولد عالمٌ جديدٌ هو عالم العولمة، الذي سادت فيه الثورة العلمية والتطورات التقنية الهائلة، والتي أسهمت في إعادة تشكيل الموارد البشرية في المنظمات المعاصرة، وصنعت أنماطا تنظيمية جديدة وفي نفس الوقت طرحت وبقوة قيما وأفكارا جديدة، فقد أصبحت المنظمات أكثر مرونة، وأسرع استجابة للمستهلك وللظروف البيئية، وتخطت إشكالية الزمان والمكان في إطار التواصل والتفاعل الإنساني باستخدامها تقنية المعلومات المتطورة واعتمادها الآلية أساسا في تشغيل عملياتها،
تعتبر إدارة الموارد البشرية من أهم وظائف الإدارة لتركيزها على العنصر البشري والذي يعتبر أثمن مورد لدى الإدارة والأكثر تأثيراً في الإنتاجية على الإطلاق، حيث تهدف إلى تعزيز القدرات التنظيمية، وتمكين الشركات من استقطاب وتأهيل الكفاءات اللازمة والقادرة على مواكبة التحديات الحالية والمستقبلية،
ويعرف برنامج الأمم المتحدة الانمائي رأس المال البشري بأنه: “كل ما يزيد من إنتاجية العمل والموظفين من خلال المهارات المعرفية التي يكتسبونها من خلال العلم والخبرة ”
أهمية رأس المال البشري ومكوناته:
العديد من المنظمات اليوم ترى في الموارد البشرية الميزة التنافسية التي تتميز من خلالها عن الآخرين، وترى أن قيمتها تفوق قيمة الأصول المادية الأخرى، والإنفاق عليها ليس تكلفة بل إنفاقا استثمارياً، ففي الولايات المتحدة نجد الإنفاق على الموارد البشرية وصل إلى نحو 60 في المائة من إجمالي نفقات عديد من الشركات، هذا ما أكدته شركة Verizon التي تعد أكبر شركات الاتصالات التلغرافية في قولها ”نحن نصرف الملايين من الدولارات على العمال كل عام، إن الموارد البشرية هي أكبر مشروع استثماري لدينا”، لذلك نجد هناك اتفاق أن التحديات التي يتحملها العصر الجديد تتطلب رأس مال بشري دائم الترقي ودائم النمو على المستوى الفردي وعلى صعيد المجتمعات وهذا الارتقاء لن يتحقق الا بعد توافر الجودة الكلية في كافة مراحله ومستوياته. ويتكون رأس المال البشري من :
أ-كفاءة العاملين متمثلة بالخبرات والعلم وأسرار العمل.
ب- أراء العاملون وتوجهاتهم أي البواعث والحوافز التي تحكم تصرفات العاملين.
ت- المرونة أي قدرة العاملين في المنشاة على التحرك السريع استجابة للتغيرات.
العائد من الاستثمار في رأس المال البشري:
يعرف الاستثمار في رأس المال البشري بأنه الإنفاق لزيادة مهاراته ومعارفه الإنتاجية، وبالتالي زيادة الدخل الذي يمكنه الحصول عليه في فترات مقبلة، واكد الفريد مارشال أهمية الاستثمار في راس المال البشري باعتباره استثمارا وظنيا وفي رأيه هو اعلى أنواع رأس المال قيمة
ومن أهم الأسباب لقياس العائد على الاستثمار هو مواجهة المنافسة في ندرة الموارد البشرية ووضع العائد من الاستثمار في البرامج بهدف البقاء في المركز التنافسي المطلوب ,ولكي تصبح عملية العائد على الاستثمار مجدية لا بد من وجود توازن بيم ثلاث أطراف:
1- أعضاء فريق الموارد البشرية المستخدمة للعملية
2-إرضاء العملاء الذين يوافقون غلى المشروع ويحتاجون إلى عرض النتائج في صورة حسابات ومعادلات تشبه الأنواع الأخرى من الاستثمار
3-الباحثون في عمليات القياس والتقييم الذين يحتاجون إلى عملية تدعم وجهات نظرهم ودراساتهم من خلال استخدام النماذج والمعادلات
ويوجد العديد من النظريات التي تقيس عائد الاستثمار في رأس المال البشري منها :
•نظرية الاستثمار حيث إن التعلم يرفع الإنتاجية.
•نظرية الإنتاجية الحدية حيث يعظم صاحب الربح ربحه في تحديد الطلب على العمل.
•نظرية عرض العمل حيث يعظم العامل كسبه من استثماره في رأس المال البشري أو ساعات الفراغ.
توجد عدة نماذج لقياس عائد الاستثمار في رأس المال البشري أبرزها :
نموذج مينسر ويتمثل في النقاط التالية :
أ-طول فترة التدريب أو التعليم هي المصدر الأساسي في زيادة رواتب العمال وان التدريب يرفع إنتاجية العامل.
ب-يتوقع الأفراد عند اتخاذ قرار التدريب الحصول على رواتب أعلى في المستقبل تعوض كلفة التدريب.
ج-يفترض أن الأفراد لن يقوموا باتخاذ قرار التدريب في المستقبل بعد انتهاء فترة التدريب الأولى إلا بعد معرفة الزيادة المادية في رواتبهم الشهرية نتيجة التدريب الأول.
مستوى الأجر = سنوات التعليم + سنوات الخبرة
لقد احتل موضوع عوائد الاستثمار في مجال التعليم موضع اهتمام الفكر الاقتصادي منذ وقت مبكر بالنظر إلى الفوائد التي تعود على الاقتصاديات من جراء العناية بالاستثمار في رأس المال البشري، وما تشهده المجتمعات من تحسن في مستوى معيشة أفرادها، وقد أصبح تقييم مدى جدية السياسات الاستثمارية في مجال التعليم تتوقف على ما لهذه السياسات من عوائد إيجابية على مستوى الاقتصاد القومي وعلى مستوى الأفراد في المجتمع.