وزراء المعارف والتربية في العراق (1921-1980) الأدوار والمنجزات في بناء النظام التعليمي وتطوره
اعداد
د. علاء عبدالخالق حسين
DOI: 10.13140/RG.2.2.25271.02728
[email protected]
مقال علمي لموقع مؤسسة العراقة للثقافة والتنمية
بتاريخ 18/ 3/ 2025
الملخص:
تسعى هذه الدراسة إلى استكشاف التحولات العميقة التي شهدها النظام التعليمي في العراق على مدار ستة عقود حاسمة (1921–1980)، مسلطةً الضوء على الأدوار المحورية التي لعبها وزراء المعارف والتربية، وما حققوه من إنجازات شكلت معالم السياسات التعليمية في مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية. اعتمدت الدراسة على منهجية شاملة تمتزج فيها التحليلات التاريخية بالمقارنات، مركزةً على ثلاثة مستويات رئيسية: الهيكلي، الذي يعكس تطور المؤسسات؛ والوظيفي، الذي يتناول السياسات والأهداف؛ والنتائج، الذي يستعرض المخرجات وتأثيرها في المجتمع. اعتمدت الدراسة على مجموعة غنية ومتنوعة من المصادر الأولية، كالدراسات الرسمية والتقارير الحكومية، بالإضافة إلى المصادر الثانوية مثل المذكرات والدراسات الأكاديمية، مما أضفى على النتائج طابعاً موضوعياً من خلال مزج المصادر العربية والأجنبية.
في المرحلة التأسيسية (1921–1932)، سلط البحث الضوء على جهود الوزراء العامليين، مثل محمد علي هبة الدين الشهرستاني وساطع الحصري، في تعريب التعليم وتأسيس الهيكل الإداري، على الرغم من التحديات الكبيرة التي تمثلت في ندرة الكوادر وضيق الميزانية.
أما في المرحلة الثانية (1932–1958)، فقد شهدت هذه الحقبة توسعاً كمياً ملحوظاً بفضل قيادة وزراء مثل جابر عمر وصادق البصام، حيث طُوِّر التعليم المهني والجامعي، إلا أن هذه الفترة عانت الفجوة بين المدن والأرياف، وازدهرت أزمة “الخريجين”.
في الحقبة الجمهورية (1958–1968)، أضحى التعليم سلاحًا فاعلًا في معركة التغيير الاجتماعي، حيث قاد وزراء مثل هديب الحاج حمود حملات شاقة لمحو الأمية. ومع ذلك، وقع النظام في مصيدة التسيس الأيديولوجي، مما ألقى بظلاله على مسار التعليم. بينما شهدت حقبة البعث (1968–1980) توسعًا غير مسبوق في البنية التحتية، كزيادة المدارس والجامعات، إلا أن السياسات ربطت التعليم بالبرنامج الحزبية، مما أثر سلبًا على جودته واستقلاليته.
أظهرت النتائج تناقضات عميقة، تتجلى في الفجوة بين النمو الكمي، كزيادة أعداد المدارس والطلبة، والتدهور النوعي، كتراجع مستوى الخريجين. كما أبرزت التوتر بين المركزية الإدارية والخصوصيات المحلية. وبيّنت كيف تحول التعليم من وسيلة لبناء الهوية الوطنية إلى أداة للتعبئة السياسية. من بين التوصيات البارزة، ضرورة فصل التعليم عن الصراعات الأيديولوجية، واعتماد سياسات تعليمية مرنة تعالج الفجوات الجغرافية، والتركيز على الجودة عوضا عن الكم. كما اقترح البحث إجراء دراسات مقارنة مع تجارب دولية، واستثمار إيجابيات كل مرحلة، الإصلاحات الأساسية في العهد الملكي والتوسع في التعليم العالي خلال الجمهوري، مع تجنب السلبيات، وخاصة التسيس المفرط.
في آخر المطاف، أتاح البحث رؤية تحليلية عميقة للإشكاليات التي يعانيها التعليم العراقي الراهن، مشدداً على أن تحقيق أي إصلاح تعليمي منتظر يتطلب تحقيق توازن دقيق بين الحداثة الأصيلة والهوية الثقافية، وبين الكم والنوع، وكذلك بين المركزية واللامركزية، مع الابتعاد عن ضغوط الهيمنة السياسية الضيقة.
وزراء المعارف والتربية في العراق (1921-1980) الأدوار والمنجزات في بناء النظام التعليمي وتطوره